داي

50.00د.م.

ليس من قبيل الصدفة أن تذهب صحيفة «نيويورك تايمز» إلى وصف أليسون لويز كيندي بأنها «كاتب قص من طراز عالمي»، فهي تنتمي إلى نوعية الكتّاب البارزين في المملكة المتحدة، حيث أدرجت مرتين في قوائم كتّاب بريطانيا الشباب الأكثر تميزاً، وذهب الروائي الأميركي الكبير ريتشارد فورد إلى القول عنها: «إذا كنت مهتماً على الإطلاق بالقص المعاصر فإن هذا العمل من أعمال كيندي ينبغي ألا يفوتك»، وحصدت جائزة سومرست موم وجائزة انكور وجائزة سولتاير السنوية للكتاب الاسكتلندي، والعديد من الجوائز الأدبية البارزة الأخرى.

في رواية «داي» نحن على موعد مع الفريد داي المنخرط في سلاح الجو الملكي البريطاني والذي كان أسير حرب في الحرب العالمية الثانية، والذي لم يكن يتوقع أن تقدر له النجاة من أهوال الحرب، وربما لم يكن هو نفسه يرغب في النجاة، لأنه اختار بنفسه أن يكون مدفعياً على مؤخرة طائرة قاذفة، حيث يقف وحيداً، معرضاً للموت، يتابع قائد الطائرة وطاقم العاملين معه ليلة إثر أخرى من القصف المكثف.الآن، وبعد خمس سنوات من وضع الحرب لأوزارها وغرقه في الشعور بالوحدة أكثر من أي وقت مضى، فإن الفريد داي يجد نفسه وقد اجتذب بقوة إلى التنقيب والبحث في تلك الأيام الحافلة المفعمة بالعاطفة على نحو غريب، وذلك من خلال العمل كممثل ثانوي في فيلم يدور عن أحداث الحرب العالمية الثانية، ومن تعرضوا للأسر خلالها.

غير أن المدهش أن ما سيكتشفه داي في موقع التصوير عن نفسه وعن النسوة اللواتي وقع في حبهن وعن العالم من حوله سيجعل الحرب تبدو بسيطة للغاية.

لسنا بحاجة إلى الاقتراب كثيراً من شخصية الفريد داي لكي ندرك أنها إحدى الشخصيات التي تم إبداعها بصورة رائعة فجاءت مشحونة بالعواطف والأحاسيس والانفعالات، بحيث يتاح لنا الإطلال من خلالها على طبيعة العنف الذي يجتاح الحياة الحديثة، والشجاعة التي تبرز في غمار الاقتراب من الموت.

ما نجد أنفسنا حياله هنا هو هذا القدر الكبير من التمكن من أدوات الإبداع الذي تبديه كيندي وما يصدر عنها من حس فكاهي رقيق ومن إبداع في نسج العمل الروائي.

إننا أمام رواية طريفة ومؤثرة وحزينة وتوحي بالأصالة في آن، أبدعتها كاتبة موهوبة حقاً.

ربما لهذا على وجه الدقة نجد أن المطبوعات الثقافية المتخصصة تبادر إلى إلقاء الضوء على الجوانب المتميزة في «داي».

ها هي مطبوعة «ببلشرز ويكلي» المتخصصة تتوقف طويلاً عند ما سبق أن أشرنا إليه من إبداع المؤلفة في إنجاز ملامح البطل الذي منح اسمه للرواية، وتتبع حياته الغريبة، كما نرى أحدث تطوراتها في عام 1949، حيث يدهشنا اندفاعه للعمل في دور صغير في فيلم عن أسرى الحرب، وقد كان حرياً به باعتباره أسيراً سابقاً أن يبتعد كل البعد عن هذه الأجواء التي تذكره بأيام المعتقلات المقيتة، فلا نملك إلا أن نتساءل عن حقيقة مشاعره وجوهر دوافعه.

وبدوره تتوقف مطبوعة متخصصة أخرى هي «لايبرارى جورنال» عند هذه النوعية من التساؤلات، لا لتجيب عنها، وإنما لتضيف إليها المزيد، ولتتوج هذا كله بأن ما أنجزته كيندي يضرب جذوره بصفة خاصة في البراعة الشديدة في استخدام أسلوب الارتجاع إلى الماضي لسبر أغوار هذه الشخصية المدهشة التي نتوقع أن نراها قريباً على الشاشة الفضية أو عبر الشاشة الصغيرة.

ولا تتردد مجلة «كيركوس» في القول إن هذه الرواية السادسة لكيندي تحلق بنا إلى ذروة اللمحات الشعرية في العديد من مقاطعها.

غير أنها تردف هذا التعبير الصريح عن الإعجاب بانتقاد حاد تؤكد في غماره أن هذا التحليق إلى اللمحات الشعرية لا يعوضنا عن الافتقار إلى العمق السردي، حيث أن أحداث الرواية تدور بكاملها في ذهن الفريد داي، الأمر الذي يضفي ضبابية وغموضاً إلى حد الضياع بين الماضي والحاضر، خارج ميادين المعارك وداخلها.

أياً كان الأمر، فإن هذه الرواية تأتي لتطرح على القارئ العربي مجموعة موجعة من الأسئلة التي لا تزال تنتظر إجابة واضحة عنها حتى اليوم سواء من جانب المبدعين أنفسهم أو النقاد أو القراء.

وفي مقدمة هذه الأسئلة علامة استفهام صارخة: لقد تعددت الحروب التي خاضها الإنسان العربي في العصر الحديث، فلماذا لم ينعكس هذا بقوة ووضوح وحيوية وعلى جسر من الإبداع الحقيقي في الأدب العربي؟ لماذا ظلت محاولات الاقتراب الأدبي من الحرب في قالب الرواية تحديداً سلسلة من المحاولات التي توفق حينا ولا توفق أحياناً، لكنها تظل بعيدة عن التحليق إلى سمت هذه التجربة المفعمة بالانفعالات والعواطف.

*الكتاب:داي

الناشر

المؤلف

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “داي”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart
داي
50.00د.م.
Scroll to Top