إن عبقرية أي إنسان ومزاياه لا تساوي أكثر من قدرته على العصيان ومن إرادته وممارسته له ومن أساليبه المختلفة في ممارساته له. إن إبداع أي مجتمع في ألف عام لا يساوي أكثر من عصيان هذا المجتمع في نفس هذه المدة. إن أي إبداع أو تجاوز ليس إلا عصياناً ما. إن عصيان الإنسان هو تخطي ما كان، هو تخطي قدرة الطبيعة. أما عصيان الحشرة فإنه التلوث بما كان. إنه الخضوع للطبيعة بكل صيغها وأساليبها وبذاءتها. إن الإنسان أقوى وأشمل عصياناً من الحشرة إذن، بل إنه هو الذي يعصي دون الحشرة. إن الحشرة لا تعصي. إن عصيان الأعضاء ليس عصياناً، إنه تلوث واستجابة للجوع إلى العفونات. إنه طاعة لإملاء الطبيعة واستسلام لشروطها، إنه ركوع إلى الأرض. إن الإنسان هو وحده الذي يعصي في هذا الكون لأنه هو وحده الذي يتجاوز قدرة الطبيعة وأشواطها، ويخرج عليها ويرفضها، وهو وحده الذي يتجاوز نفسه ويخرج عليها ويرفضها.
كتاب الإنسان يعصي .. لهذا يصنع الحضارات
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.