مكيافيلي في النزاع والحرية
ثمة واقع لا جدال فيه؛ يمارس فكر ميكافيلي اليوم تأثيراً كبيراً في الفلسفة السياسية. ومن بين الأفكار المؤسسة في هذا المجال تثير أعمال الفيلسوف الفلورنساوي، بلا أدنى شك، مقاربات وقراءات متناقضة عديدة. فكل مرة، كان يعاد اكتشاف هذا الفكر بطريقة أخرى. تارة بنظرة تستنكر ما حوته من رؤية كَلبيّة للسلطة، وبنظ
رة الثناء تارة أخرى، لأنها رائدة في مجال علم السياسة. كما أن هناك من رأى في مكيافيلي إحدى الشخصيات البارزة المعبرة عن النزعة الجمهورية الحديثة. كتاب سيرج أودييه هذا، ليس كتاباً إضافياً – ولا، بخاصة، كتاباً زائداً – يُدرج على قائمة الدراسات اللامحدودة حول أعمال مكيافيلي. فما تميز به هي النيّة النقدية التي ينطوي عليها. وتقوم على أنه يقدم قراءة تركز على موضوعة المنازعات السياسية والاجتماعية وفاقاً للتفسيرات الرئيسة التي ظهرت في القرن العشرين، والتي كان رهانها التفكير حول العلاقة بين النزعة الجمهورية والنزعة الليبرالية تفكيراً مغايراً يولي أهمية أولى لدور الحرية فيها، الأمر الذي قاد المؤلف إلى اعتبار مكيافيلي منظّر “المذهب التعددي النزاعي” ويتيح، عن طريق نظريته في الأمزجة، التفكير حول ما يعود للـ “انقسامات” من دور في الحياة السياسية للمجتمعات الحديثة. ويستند في ذلك على أطروحته القائلة بأن القراءة الفرنسية التي ينضوي تحتها تدعو إلى التفكير حول الشروط التي يرتبط فيها النزاع مع التوافق، من منظور تحقيق مُثل النزعة الكونية المتعلقة بالحداثة الديمقراطية. ويبقى في النهاية السؤال مطروحاً أمام المختصين: كيف يمكن التفكير انطلاقاً من مكيافيلي، ولكن في ما يتجاوزه أيضاً، حول الحقيقة الفعلية للسياسة وتبعاتها من منظار صورة النزاع”
Reviews
There are no reviews yet.